کد مطلب:187342 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:223

و سلاحه البکاء (38)
دمشق تصطخب بأسواق النخاسة و آلاف العذاری من أجناس بشریة عدیدة معروضة للبیع و نظرات جائعة مشتهیة تتصفح وجوها جمیلة تشوبها ذلة السبی و حزن فراق الأحبة.

فتیات من بلاد ماوراءالنهر من «سمرقند» و «بخاری» و بربریات من «طنجة» و «القیروان» و حسناوات من «أرض روم» و «سوسنة» و... و..

و قد عبر طارق البحر تحمله سفن عربیة و اخری «سبتیة» فیرسو عند شواطئ جبل «كالبی» و یتخذ الجبل اسم الفاتح الجدید... السفن تشق میاه المحیط فتفتح «الجزیرة الخضراء» ثم «قرطاجة» ثم تقتحم البر الاسبانی لتسقط «طلیطلة» عاصمة الدولة القبطیة، و الخیول العربیة تغسل اقدامها فی شواطئ البوسفور. و دمشق تستقبل قوافل السبی لتنضم الی أسواق النخاسة هندیات لهن عیون المها.

قصر الخضراء یتألق فی غمرة القنادیل المضیئة، فالمجد للسیف



[ صفحه 145]



و الحصان، و طبول الحرب.

كانت أنغام الموسیقی تفتن علیة القوم و النفوس نشوی تطیر فی عالم الخیال... عالم یصنعه عصیر شفاف مشوب بحمرة رائقة تدب فی الرؤوس كدبیب النمل... فیغفو العقل و تحلق النفوس فی عوالم مسحورة زاخرة بالأوهام.

ولكن ما باله الخلیفة هذه اللیلة... یكاد یضیق بما حوله و بمن حوله... ألا یعجبه منظر الجواری یرفلن بالحریر الملون.. و هذه الخمرة الرومیة و رائحة الشواء... و تلك الحلوی الفارسیة.

فغر الحاضرون أفواههم و قد سمعوا الخلیفة یطلب مصحفا، توقفت الموسیقی عن ارسال أنغامها، و جمدت الجواری فی أماكنها و ساد القصر و جوم غریب.

جاء الحاجب یحمل مصحفا مذهبا مرصعا بالجواهر و وضعه بین یدی «الولید».

فتح الرجل الذی لم تسكره الخمرة بعد المصحف، فوقعت عیناه علی أول آیة و صدح القرآن بصوت الحق «و استفتحوا و خاب كل جبار عنید».

شعر الولید بأن الكلمات تغوص فی أمعائه كسیوف حادة... ریح مجنونة تعصف برأسه. صرخ خلیفة المسلمین:

- اصلبوه!

أمسك الجلاوزة بكتاب السماء..



[ صفحه 146]



صلبوه الی اسطوانة فی وسط البلاط.

ها هو فرعون یسخر من موسی.. یلتفت الی هامان:

- «فأوقد لی یا هامان علی الطین فاجعل لی صرحا لعلی أطلع الی اله موسی و انی لأظنه كاذبا».

و ارتقی فرعون صرحا عالیا. حمل معه قوسه فلما ان بلغ الذری، وضع فی كبد القوس سهما و أطلقه باتجاه السماوات!!

«الولید» یضع فی كبد القوس سهما و یسدد باتجاه القرآن المصلوب، و تنهال السهام.. و تتناثر آیات القرآن فوق رخام البلاط..

كان الولید مفتونا بما یفعل و هو ینشد بصوت یشبه فحیح الأفاعی:



تهدد كل جبار عنید

فها أنا ذاك جبار عنید



اذا لاقیت ربك یوم حشر

فقل یا رب مزقنی الولید



فی الصباح لبس الولید ثیاب الخلافة، و وقف یودع أخاه «هشاما» أمیرا علی الموسم... و ابتعد الموكب عن أسوار دمشق فی طریقه الی الحجاز و لم ینس «الولید» أن یدس معه رجالا فی مهمات سریة.. یحملون معهم مركبات مستحضرة فی القسطنطینیة باهضة الثمن كان معاویة یحرص علی استیرادها دائما.



[ صفحه 147]